فصل: باب لا وتران في ليلة وختم صلاة الليل بالوتر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار **


 باب الوتر بركعة وبثلاث وخمس وسبع وتسع بسلام واحد وما يتقدمها من الشفع‏.‏

1 - عن ابن عمر قال‏:‏ ‏(‏قام رجل فقال‏:‏ يا رسول اللَّه كيف صلاة الليل فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم‏:‏ صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة‏)‏‏.‏

رواه الجماعة‏.‏ وزاد أحمد في رواية‏:‏ ‏(‏صلاة الليل مثنى مثنى تسلم في ركعتين‏)‏ وذكر الحديث‏.‏ ولمسلم‏:‏ ‏(‏قيل لابن عمر ما مثنى مثنى قال يسلم في كل ركعتين‏)‏‏.‏

الحديث زاد فيه الخمسة‏:‏ ‏(‏صلاة الليل والنهار مثنى مثنى‏)‏ وقد اختلف في زيادة قوله والنهار فضعفها جماعة لأنها من طريق علي البارقي الأزدي عن ابن عمر وهو ضعيف عند ابن معين وقد خالفه جماعة من أصحاب ابن عمر ولم يذكروا فيه النهار‏.‏

وقال الدارقطني في العلل‏:‏ إنها وهم وقد صححها ابن خزيمة وابن حبان والحاكم في المستدرك وقال‏:‏ رواتها ثقات وقال الخطابي‏:‏ إن سبيل الزيادة من الثقة أن تقبل وقال البيهقي‏:‏ هذا حديث صحيح وعلي البارقي احتج به مسلم والزيادة من الثقة مقبولة وقد صححه البخاري لما سئل عنه ثم روى ذلك بسنده إليه قال‏:‏ وقد روي عن محمد بن سيرين عن ابن عمر مرفوعًا بإسناد كلهم ثقات اهـ كلام البيهقي‏.‏ وله طرق وشواهد وقد ذكر بعض ذلك الحافظ في التلخيص‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قام رجل‏)‏ وقع في معجم الطبراني الصغير أن السائل هو ابن عمر ولكنه يشكل عليه ما وقع في بعض الروايات عن ابن عمر بلفظ‏:‏ ‏(‏أن رجلًا سأل النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم وأنا بينه وبين السائل‏)‏ فذكر الحديث‏.‏

وفيه ‏(‏ثم سأله رجل على رأس الحول وأنا بذلك المكان منه قال‏:‏ فما أدري أهو ذلك الرجل أم غيره‏)‏ وعند النسائي أن السائل المذكور من أهل البادية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كيف صلاة الليل‏)‏ الجواب عن هذا السؤال يشعر بأنه وقع عن كيفية الوصل والفصل لا عن مطلق الكيفية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مثنى مثنى‏)‏ أي اثنتين اثنتين وهو غير منصرف للعدل والوصف وتكرار لفظ مثنى للمبالغة وقد فسر ذلك ابن عمر في رواية أحمد ومسلم عنه كما ذكره المصنف‏.‏

وقد أخذ مالك بظاهر الحديث فقال‏:‏ لا تجوز الزيادة على الركعتين‏.‏

قال ابن دقيق العيد‏:‏ وهو ظاهر السياق لحصر المبتدأ في الخبر وحمله الجمهور على أنه لبيان الأفضل لما صح من فعله صلى اللَّه عليه وآله وسلم مما يخالف ذلك كما سيأتي ويحتمل أن يكون للإرشاد إلى الأخف إذ السلام من الركعتين أخف على المصلي من الأربع فما فوقها لما فيه من الراحة غالبًا‏.‏

وقد اختلف السلف في الأفضل من الفصل والوصل فقال أحمد‏:‏ الذي أختاره في صلاة الليل مثنى مثنى وإن صلى بالنهار أربعًا فلا بأس‏.‏

وقال محمد بن نصر نحوه في صلاة الليل قال‏:‏ وقد صح عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم أنه أوتر بخمس لم يجلس إلا في آخرها إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على الوصل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة‏)‏ استدل به على خروج وقت الوتر بطلوع الفجر‏.‏ وأصرح منه ما رواه أبو داود والنسائي وصححه أبو عوانة وغيره عن ابن عمر أنه قال‏:‏ ‏(‏من صلى الليل فليجعل آخر صلاته وترًا فإن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان يأمر بذلك فإذا كان الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر‏)‏ وفي صحيح ابن خزيمة عن أبي سعيد مرفوعًا‏:‏ ‏(‏من أدركه الصبح ولم يوتر فلا وتر له‏)‏ وسيأتي الكلام على هذا في باب وقت صلاة الوتر‏.‏

والحديث يدل على مشروعية الإيتار بركعة واحدة عند مخافة هجوم الصبح وسيأتي ما يدل على مشروعية ذلك من غير تقييد وقد ذهب إلى ذلك الجمهور‏.‏

قال العراقي‏:‏ وممن كان يوتر بركعة من الصحابة الخلفاء الأربعة وسعد بن أبي وقاص ومعاذ بن جبل وأبيَّ بن كعب وأبو موسى الأشعري وأبو الدرداء وحذيفة وابن مسعود وابن عمر وابن عباس ومعاوية وتميم الداري وأبو أيوب الأنصاري وأبو هريرة وفضالة بن عبيد وعبد اللَّه بن الزبير ومعاذ بن الحارث القاري وهو مختلف في صحبته وقد روي عن عمر وعلي وأبيِّ وابن مسعود الإيتار بثلاث متصلة‏.‏

قال‏:‏ وممن أوتر بركعة سالم بن عبد اللَّه بن عمر وعبد اللَّه بن عياش بن أبي ربيعة والحسن البصري ومحمد بن سيرين وعطاء ابن أبي رباح وعقبة بن عبد الغافر وسعيد بن جبير ونافع بن جبير بن مطعم وجابر بن زيد والزهري وربيعة بن أبي عبد الرحمن وغيرهم‏.‏

ومن الأئمة مالك والشافعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود وابن حزم‏.‏ وذهبت الهادوية وبعض الحنفية إلى أنه لا يجوز الإيتار بركعة وإلى أن المشروع الإيتار بثلاث‏.‏ واستدلوا بما روي من حديث محمد بن كعب القرظي‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم نهى عن البتيراء‏)‏ قال العراقي‏:‏ وهذا مرسل ضعيف‏.‏

وقال ابن حزم‏:‏ لم يصح عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم نهي عن البتيراء قال‏:‏ ولا في الحديث على سقوطه بيان ما هي البتيراء‏.‏

قال‏:‏ وقد روينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الثلاث بتيراء يعني الوتر قال‏:‏ فعاد البتيراء على المحتج بالخبر الكاذب فيها اهـ‏.‏

واحتجوا أيضًا بما حكي عن ابن مسعود أنه قال‏:‏ ما أجزأت ركعة قط‏.‏ قال النووي في شرح المهذب‏:‏ إنه ليس بثابت عنه قال‏:‏ ولو ثبت لحمل على الفرائض فقد قيل إنه ذكره ردًا على ابن عباس في قوله إن الواجب من الصلاة الرباعية في حال الخوف ركعة واحدة فقال ابن مسعود‏:‏ ما أجزأت ركعة قط أي عن المكتوبات اهـ وقد روى ابن أبي شيبة في المصنف ومحمد بن نصر في قيام الليل من رواية محمد بن سيرين قال‏:‏ سمر حذيفة وابن مسعود عند الوليد بن عقبة وهو أمير مكة فلما خرجا أوتر كل واحد منهما بركعة ومحمد بن سيرين لم يدرك ابن مسعود ولكن القائل بعدم صحة الإيتار بركعة من الهادوية والحنفية يرى الاحتجاج بالمرسل واحتج بعض الحنفية على الاقتصار على ثلاث وعدم إجزاء غيرها بأن الصحابة أجمعوا على أن الوتر بثلاث موصولة حسن جائز واختلفوا فيما عداه قال‏:‏ فأخذنا بما أجمعوا عليه وتركنا ما اختلفوا فيه وتعقب بمنع الإجماع وبما سيأتي من النهي عن الإيتار بثلاث‏.‏

2 - وعن ابن عمر أنه‏:‏ ‏(‏كان يسلم بين الركعتين والركعة في الوتر حتى أنه كان يأمر ببعض حاجته‏)‏‏.‏

رواه البخاري‏.‏

3 - وعن ابن عمر وابن عباس أنهما سمعا النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم يقول‏:‏ ‏(‏الوتر ركعة من آخر الليل‏)‏‏.‏

رواه أحمد ومسلم‏.‏

الأثر والحديث يدلان على مشروعية الإيتار بركعة وتعريف المسند من قوله الوتر ركعة مشعر بالحصر لولا ورود منطوقات قاضية بجواز الإيتار بغير ركعة وسيأتي‏.‏

قال الحافظ‏:‏ وظاهر الأثر المروي عن ابن عمر أنه كان يصلي الوتر موصولًا فإن عرضت له حاجة فصل‏.‏ وأصرح من ذلك ما رواه سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن بكر بن عبد اللَّه المزني قال‏:‏ ‏(‏صلى ابن عمر ركعتين ثم قال يا غلام ارحل لنائم قام وأوتر بركعة‏)‏‏.‏ وروى الطحاوي عن ابن عمر‏:‏ ‏(‏أنه كان يفصل بين شفعه ووتره بتسليمه وأخبر أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان يفعله‏)‏ وإسناده قوي وقد تقدم الكلام على الإيتار بركعة‏.‏

4 - وعن عائشة قالت‏:‏ ‏(‏كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة فإذا سكب المؤذن من صلاة الفجر وتبين له الفجر وجاء المؤذن قام فركع ركعتين خفيفتين ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة‏)‏‏.‏

رواه الجماعة إلا الترمذي‏.‏

الحديث قد تقدم الكلام على أطراف منه في ركعتي الفجر وفي الاضطجاع وفي الإيتار بركعة وقد تقدم الكلام في دلالة كان على الدوام وقد ورد عن عائشة في الإخبار عن صلاته صلى اللَّه عليه وآله وسلم بالليل روايات مختلفة‏.‏ منها هذه ومنها الرواية الآتية في هذا الباب أنه‏:‏ ‏(‏كان يصلي ثلاث عشرة ركعة ويوتر بخمس‏)‏‏.‏

ومنها عند الشيخين أنه‏:‏ ‏(‏ما كان يزيد صلى اللَّه عليه وآله وسلم في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثًا‏)‏‏.‏ ومنها أيضًا ما سيأتي في هذا الباب أنه‏:‏ ‏(‏كان يصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة ثم ينهض ولا يسلم فيصلي التاسعة ثم يسلم ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد فتلك إحدى عشرة ركعة فلما أسن أوتر بسبع‏)‏‏.‏

ولأجل هذا الاختلاف نسب بعضهم إلى حديثها الاضطراب وأجيب عن ذلك بأنه لا يتم الاضطراب إلا على تسليم أن إخبارها عن وقت واحد وليس كذلك بل هو محمول على أوقات متعددة وأحوال مختلفة بحسب النشاط ويجمع بين قولها أنه ما كان يزيد على إحدى عشرة ركعة وبين إثباتها الثلاث عشرة ركعة بأنها أضافت إلى الإحدى عشرة ما كان يفتتح به صلاته من الركعتين الخفيفتين كما ثبت في صحيح مسلم‏.‏

ويدل على ذلك أنها قالت عند تفصيل الإحدى عشرة كان يصلي أربعًا ثم أربعًا وتركت التعرض للافتتاح بالركعتين وكذلك قالت في الرواية الأخرى أنه كان يصلي تسع ركعات ثم يصلي ركعتين والجمع بين الروايات ما أمكن هو الواجب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وسكب المؤذن‏)‏ هو بفتح السين المهملة والكاف وبعدها باء موحدة أي أسرع مأخوذ من سكب الماء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قام فركع ركعتين‏)‏ وقد تقدم الكلام فيهما‏.‏

5 - وعن أبيِّ بن كعب‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الأعلى وفي الركعة الثانية بقل يا أيها الكافرون وفي الثالثة بقل هو اللَّه أحد ولا يسلم إلا في آخرهن‏)‏‏.‏

رواه النسائي‏.‏

الحديث رجال إسناده ثقات إلا عبد العزيز بن خالد وهو مقبول وقد أخرجه أيضًا أحمد وأبو داود وابن ماجه بدون قوله ولا يسلم إلا في آخرهن‏.‏

وفي الباب عن ابن عباس عند الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن أبي شيبة بلفظ‏:‏ ‏(‏كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو اللَّه أحد في ركعة ركعة‏)‏ ولم يذكر فيه ولا يسلم إلا في آخرهن أيضًا‏.‏

وعن عبد الرحمن ابن أبزي عند النسائي بنحو حديث ابن عباس وقد اختلف في صحبته وفي إسناد حديثه هذا وسيأتي‏.‏ وعن أنس عند محمد بن نصر المروزي بنحو حديث ابن عباس‏.‏ وعن عبد اللَّه بن أبي أوفى عند البزار بنحوه‏.‏ وعن عبد اللَّه بن عمرو عند الطبراني والبزار أيضًا بنحوه في إسناده سعيد بن سنان وهو ضعيف جدًا‏.‏ وعن عبد اللَّه بن مسعود عند البزار وأبي يعلى والطبراني في الكبير والأوسط بنحوه أيضًا وفي إسناده عبد الملك بن الوليد بن معدان وثقه يحيى بن معين وضعفه البخاري وغير واحد‏.‏ وعن عبد الرحمن بن سبرة عند الطبراني في الكبير والأوسط بنحوه أيضًا وفي إسناده إسماعيل بن رزين ذكره الأزدي في الضعفاء وابن حبان في الثقات‏.‏ وعن عمران بن حصين عند النسائي والطبراني بنحوه أيضًا‏.‏ وعن النعمان بن بشير عند الطبراني في الأوسط بنحوه وفي إسناده السري بن إسماعيل وهو ضعيف‏.‏ وعن أبي هريرة عند الطبراني في الأوسط بزيادة والمعوذتين في الثالثة وفي إسناده المقدام بن داود وهو ضعيف‏.‏ وعن عائشة عند أبي داود والترمذي بزيادة كل سورة في ركعة وفي الأخيرة قل هو اللَّه أحد والمعوذتين وفي إسناده خصيف الجزري وفيه لين ورواه الدارقطني وابن حبان والحاكم من حديث يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة وتفرد به يحيى بن أيوب عنه وفيه مقال ولكنه صدوق وقال العقيلي‏:‏ إسناده صالح قال ابن الجوزي‏:‏ وقد أنكر أحمد ويحيى زيادة المعوذتين وروى ابن السكن في صحيحه لذلك شاهدًا من حديث عبد اللَّه بن سرجس بإسناد غريب وروى المعوذتين محمد بن نصر من حديث ابن ضميرة عن أبيه عن جده وهو حسين بن عبد اللَّه بن ضميرة بن أبي ضميرة وهو ضعيف عند أحمد وابن معين وأبي زرعة وأبي حاتم وغيرهم‏.‏ وكذبه مالك وأبوه لا يعرف وجده ضميرة يقال إنه مولى النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم‏.‏

والأحاديث تدل على مشروعية قراءة هذه السورة في الوتر وحديث الباب يدل أيضًا على مشروعية الإيتار بثلاث ركعات متصلة وسيأتي الكلام على ذلك‏.‏

6 - وعن عائشة قالت‏:‏ ‏(‏كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يوتر بثلاث لا يفصل بينهن‏)‏‏.‏

رواه أحمد والنسائي ولفظه‏:‏ ‏(‏كان لا يسلم في ركعتي الوتر‏)‏ وقد ضعف أحمد إسناده وإن ثبت فيكون قد فعله أحيانًا كما أوتر بالخمس والسبع والتسع كما سنذكره‏.‏

7 - وعن أبي هريرة عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال‏:‏ ‏(‏لا توتروا بثلاث أوتروا بخمس أو سبع ولا تشبهوا بصلاة المغرب‏)‏‏.‏

رواه الدارقطني بإسناده وقال‏:‏ كلهم ثقات‏.‏

أما حديث عائشة فأخرجه أيضًا البيهقي والحاكم بلفظ أحمد وأخرجه أيضًا البيهقي والحاكم بلفظ النسائي وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين وأخرج الحاكم أيضًا من حديث عائشة‏:‏ ‏(‏أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان يوتر بثلاث‏)‏ وليس فيه لا يفصل بينهن وصححه وقال على شرط الشيخين وأخرجه أيضًا الترمذي وأخرج الشيخان وغيرهما عنها أنها قالت‏:‏ ‏(‏كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثًا‏)‏‏.‏

وفي الباب عن علي عند الترمذي بلفظ‏:‏ ‏(‏كان يوتر بثلاث‏)‏‏.‏ وعن عمران بن حصين عند محمد بن نصر بلفظ حديث علي‏.‏ وعن ابن عباس عند مسلم وأبي داود والنسائي بلفظ‏:‏ ‏(‏أوتر بثلاث‏)‏‏.‏ وعن أبي أيوب عند أبي داود والنسائي وابن ماجه بلفظ‏:‏ ‏(‏ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل‏)‏ وعن أبيِّ بن كعب عند أبي داود والنسائي وابن ماجه أيضًا بنحو حديث علي‏.‏ وعن عبد الرحمن بن أبزي عند النسائي بنحوه أيضًا‏.‏ وعن ابن عمر عند ابن ماجه بنحوه أيضًا‏.‏ وعن ابن مسعود عند الدارقطني بنحوه أيضًا وفي إسناده يحيى بن زكريا بن أبي الحواجب وهو ضعيف‏.‏ وعن أنس عند محمد بن نصر بنحوه أيضًا‏.‏ وعن ابن أبي أوفى عند البزار بنحوه أيضًا‏.‏ وأما حديث أبي هريرة فأخرجه أيضًا ابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه‏.‏ قال الحافظ‏.‏ ورجاله كلهم ثقات ولا يضره وقف من وقفه‏.‏ وأخرجه أيضًا محمد بن نصر من رواية عراك بن مالك عن أبي هريرة قال‏:‏ ‏(‏قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم‏:‏ لا توتروا بثلاث تشبهوا بالمغرب ولكن أوتروا بخمس أو بسبع أو بتسع أو بإحدى عشرة أو أكثر من ذلك‏)‏ قال العراقي‏:‏ وإسناده صحيح‏.‏

وأخرج أيضًا من رواية عبد اللَّه بن الفضل عن أبي سلمة وعبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال‏:‏ ‏(‏لا توتروا بثلاث أوتروا بخمس أو بسبع ولا تشبهوا بصلاة المغرب‏)‏ قال العراقي أيضًا‏:‏ وإسناده صحيح ثم روى محمد بن نصر قول مقسم إن الوتر لا يصلح إلا بخمس أو سبع وإن الحكم بن عتيبة سأله عمن فقال عن الثقة عن الثقة عن عائشة وميمونة وقد روى نحوه النسائي عن ميمونة مرفوعًا‏.‏

وروى محمد بن نصر أيضًا بإسناد قال العراقي‏:‏ صحيح عن ابن عباس قال‏:‏ ‏(‏الوتر سبع أو خمس ولا نحب ثلاثًا بتراء‏)‏‏.‏

وروي أيضًا عن عائشة بإسناد قال العراقي أيضًا‏:‏ صحيح أنها قالت‏:‏ ‏(‏الوتر سبع أو خمس وإني لأكره أن يكون ثلاثًا بتراء‏)‏‏.‏ وروي أيضًا بإسناد صححه العراقي أيضًا عن سليمان بن يسار‏:‏ ‏(‏أنه سئل عن الوتر بثلاث فكره الثلاث وقال‏:‏ لا تشبه التطوع بالفريضة أوتر بركعة أو بخمس أو بسبع‏)‏ قال محمد بن نصر‏:‏ لم نجد عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم خبرًا ثابتًا صريحًا أنه أوتر بثلاث موصولة قال‏:‏ نعم ثبت عنه أنه أوتر بثلاث لكن لم يبين الراوي هل هي موصولة أم مفصولة اهـ وتعقبه العراقي والحافظ بحديث عائشة الذي ذكره المصنف وبحديث كعب بن عجرة المتقدم قالا‏:‏ ويجاب عن ذلك باحتمال أنهما لم يثبتا عنده‏.‏ وقد قال البيهقي في حديث عائشة المذكور أنه خطأ وجمع الحافظ بين الأحاديث بحمل أحاديث النهي على الإيتار بتشهدين لمشابهة ذلك لصلاة المغرب وأحاديث الإيتار بثلاث على أنها متصلة بتشهد في آخرها وروى فعل ذلك عن جماعة من السلف ويمكن الجمع بحمل النهي عن الإيتار بثلاث على الكراهة والأحوط ترك الإيتار بثلاث مطلقًا لأن الإحرام بها متصلة بتشهد واحد في آخرها ربما حصلت به المشابهة لصلاة المغرب وإن كانت المشابهة الكاملة تتوقف على فعل التشهدين وقد جعل اللَّه في الأمر سعة وعلمنا النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم الوتر على هيئات متعددة فلا ملجئ إلى الوقوع في مضيق التعارض‏.‏

8 - وعن أم سلمة قالت‏:‏ ‏(‏كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يوتر بسبع وبخمس لا يفصل بينهن بسلام ولا كلام‏)‏‏.‏

رواه أحمد والنسائي وابن ماجه‏.‏

9 - وعن عائشة قالت‏:‏ ‏(‏كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس ولا يجلس في شيء منهن إلا في آخرهن‏)‏‏.‏

متفق عليه‏.‏

الحديث الأول رواه النسائي وابن ماجه من رواية الحكم عن مقسم عن أم سلمة وقد روى في الإيتار بسبع وبخمس أحاديث‏.‏ منها عن عائشة عند محمد بن نصر بلفظ‏:‏ ‏(‏أوتر بخمس وأوتر بسبع‏)‏ وعن ابن عباس عند أبي داود بلفظ‏:‏ ‏(‏ثم صلى سبعًا أو خمسًا أوتر بهن لم يسلم إلا في آخرهن‏)‏ وعن أبي أيوب عند النسائي بلفظ‏:‏ ‏(‏الوتر حق فمن شاء أوتر بسبع ومن شاء أوتر بخمس‏)‏ وعن ميمونة عند النسائي بلفظ‏:‏ ‏(‏لا يصلح يعني الوتر إلا بتسع أو خمس‏)‏ وعن أبي هريرة عند الدارقطني وقد تقدم وفي الإيتار بخمس أو بسبع أحاديث كثيرة قد تقدم بعضها وسيأتي بعضها قال الترمذي‏:‏ وقد روي عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم الوتر بثلاث عشرة وإحدى عشرة وتسع وسبع وخمس وثلاث وواحدة اهـ‏.‏

وأخرج أبو داود والنسائي عن ابن عباس بلفظ‏:‏ ‏(‏ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهن‏)‏ وأخرجه البخاري عنه بلفظ‏:‏ ‏(‏ثم صلى خمس ركعات‏)‏ وأخرج الترمذي وحسنه والنسائي عن أم سلمة أنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ‏(‏أوتر بسبع‏)‏ وسيأتي عن عائشة نحوه‏.‏

وعن أبي أمامة عند أحمد والطبراني نحوه بإسناد صحيح‏.‏ وعن ابن عباس عند محمد بن نصر نحوه‏.‏

والأحاديث المذكورة في الباب تدل على مشروعية الإيتار بخمس ركعات أو بسبع وهي ترد على من قال بتعين الثلاث وقد تقدم ذكرهم‏.‏

10 - وعن سعيد بن هشام أنه قال لعائشة‏:‏ أنبئيني عن وتر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فقالت‏:‏ ‏(‏كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه اللَّه متى شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر اللَّه ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم يقعد فيذكر اللَّه ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليمًا يسمعنا ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني فلما أسن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم وأخذه اللحم أوتر بسبع وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول فتلك تسع يا بني وكان نبي اللَّه إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها وكان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ولا أعلم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة ولا قام ليلة حتى أصبح ولا صام شهرًا كاملًا غير رمضان‏)‏‏.‏

رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي‏.‏ وفي رواية لأحمد والنسائي وأبي داود نحوه وفيها‏:‏ ‏(‏فلما أسن وأخذه اللحم أوتر بسبع ركعات لم يجلس إلا في السادسة والسابعة ولم يسلم إلا في السابعة‏)‏ وفي رواية للنسائي قالت‏:‏ ‏(‏فلما أسن وأخذه اللحم صلى سبع ركعات لا يقعد إلا في آخرهن‏)‏‏.‏

الإيتار بتسع مروي من طريق جماعة من الصحابة غير عائشة والإيتار بسبع قد تقدم ذكر طرقه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فيتسوك ويتوضأ‏)‏ فيه استحباب السواك عند القيام من النوم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويصلي تسع ركعات‏)‏ الخ فيه مشروعية الإيتار بتسع ركعات متصلة لا يسلم إلا في آخرها ويقعد في الثامنة ولا يسلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم يسلم تسليمًا يسمعنا‏)‏ فيه استحباب الجهر بالتسليم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد‏)‏ أخذ بظاهر الحديث الأوزاعي وأحمد فيما حكاه القاضي عنهما وأباحا ركعتين بعد الوتر جالسًا قال أحمد‏:‏ لا أفعله ولا أمنع من فعله قال‏:‏ وأنكره مالك‏.‏

قال النووي‏:‏ الصواب أن هاتين الركعتين فعلهما صلى اللَّه عليه وسلم بعد الوتر جالسًا لبيان الجواز ولم يواظب على ذلك بل فعله مرة أو مرات قليلة قال‏:‏ ولا يغتر بقولها كان يصلي فإن المختار الذي عليه الأكثرون والمحققون من الأصوليين أن لفظة كان لا يلزم منها الدوام ولا التكرار وإنما هي فعل ماض تدل على وقوعه مرة فإن دل دليل عمل به وإلا فلا تقتضيه بوضعها وقد قالت عائشة‏:‏ ‏(‏كنت أطيب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لحله قبل أن يطوف‏)‏ ومعلوم أنه صلى اللَّه عليه وسلم لم يحج بعد أن صحبته عائشة إلا حجة واحدة وهي حجة الوداع قال‏:‏ ولا يقال لعلها طيبته في إحرامه بعمرة لأن المعتمر لا يحل له الطيب قبل الطواف بالإجماع فثبت أنها استعملت كان في مرة واحدة قال‏:‏ وإنما تأولنا حديث الركعتين لأن الروايات المشهورة في الصحيحين مصرحة بأن آخر صلاته صلى اللَّه عليه وسلم في الليل كانت وترًا وفي الصحيحين أحاديث كثيرة مشهورة بالأمر بجعل آخر صلاة الليل وترًا فكيف يظن به صلى اللَّه عليه وسلم مع هذه الأحاديث وأشباهها أنه يداوم على ركعتين بعد الوتر ويجعلهما آخر صلاة الليل قال‏:‏ وإما ما أشار إليه القاضي عياض من ترجيح الأحاديث المشهورة ورد رواية الركعتين فليس بصواب لأن الأحاديث إذا صحت وأمكن الجمع بينها تعين وقد جمعنا بينها وللَّه الحمد اهـ‏.‏ ـ وأقول ـ أما الأحاديث التي فيها الأمر للأمة بأن يجعلوا آخر صلاة الليل وترًا فلا معارضة بينها وبين فعله صلى اللَّه عليه وسلم للركعتين بعد الوتر لما تقرر في الأصول أن فعله صلى اللَّه عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بالأمة فلا معنى للاستنكار وأما أحاديث أنه كان آخر صلاته صلى اللَّه عليه وسلم من الليل وترًا فليس فيها ما يدل على الدوام لما قرره من عدم دلالة لفظ كان عليه فطريق الجمع باعتباره صلى اللَّه عليه وآله وسلم أن يقال إنه كان يصلي الركعتين بعد الوتر تارة ويدعهما تارة وأما باعتبار الأمة فغير محتاج إلى الجمع لما عرفت من أن الأوامر بجعل آخر صلاة الليل وترًا مختصة بهم وأن فعله صلى اللَّه عليه وسلم لا يعارض ذلك‏.‏

قال ابن القيم في الهدى‏:‏ وقد أشكل هذا يعني حديث الركعتين بعد الوتر على كثير من الناس فظنوه معارضًا لقوله صلى اللَّه عليه وآله وسلم‏:‏ ‏(‏اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا‏)‏ ثم حكى عن مالك وأحمد ما تقدم وحكى عن طائفة ما قدمنا عن النووي ثم قال‏:‏ والصواب أن يقال إن هاتين الركعتين تجريان مجرى السنة وتكميل الوتر فإن الوتر عبادة مستقلة ولا سيما إن قيل بوجوبه فتجري الركعتين بعده مجرى سنة المغرب من المغرب فإنها وتر النهار والركعتان بعدها تكميل لها فكذلك الركعتان بعد وتر الليل واللَّه أعلم اهـ‏.‏

والظاهر ما قدمنا من اختصاص ذلك به صلى اللَّه عليه وآله وسلم وقد ورد فعله صلى اللَّه عليه وآله وسلم لهاتين الركعتين بعد الوتر من طريق أم سلمة عند أحمد في المسند ومن طريق غيرها قال الترمذي‏:‏ روي نحو هذا عن أبي أمامة وعائشة وغير واحد عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم‏.‏ وفي المسند أيضًا والبيهقي عن أبي أمامة أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم‏:‏ ‏(‏كان يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس يقرأ فيهما بإذا زلزلت الأرض زلزالها وقل يا أيها الكافرون‏)‏ وروى الدارقطني نحوه من حديث أنس وسيأتي ذكر القائلين باستحباب التنفل لمن استيقظ من النوم وقد كان أوتر قبله وحديث أبي بكر وعمر الدال على جواز ذلك في باب لا وتران في ليلة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة‏)‏ فيه مشروعية قضاء الوتر وسيأتي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولا صام شهرًا كاملًا‏)‏ سيأتي في باب ما جاء في صوم شعبان من كتاب الصيام عن عائشة ما يدل على أنه كان يصوم شعبان كله ويأتي الكلام هناك إن شاء اللَّه تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لم يجلس إلا في السادسة والسابعة‏)‏ وفي الرواية الثانية‏:‏ ‏(‏صلى سبع ركعات لا يقعد إلا في آخرهن‏)‏ الرواية الأولى تدل على إثبات القعود في السادسة والرواية الثانية تدل على نفيه ويمكن الجمع بحمل النفي للقعود في الرواية الثانية على القعود الذي يكون فيه التسليم‏.‏

وظاهر هذا الحديث وغيره من الأحاديث أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم ما كان يوتر بدون سبع ركعات‏.‏

وقال ابن حزم في المحلى‏:‏ إن الوتر وتهجد الليل ينقسم إلى ثلاثة عشر وجهًا أيها فعل أجزأه ثم ذكرها واستدل على كل واحد منها ثم قال‏:‏ وأحبها إلينا وأفضلها أن يصلي ثنتي عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين ثم يصلي ركعة واحدة ويسلم‏.‏

 باب وقت صلاة الوتر ‏[‏الوتر بالكسر على لغة الحجاز وتميم وبالفتح في لغة غيرهم هو الفرد وقرئ في السبعة قوله تعالى ‏{‏والشفع والوتر‏}‏ بالكسر والفتح‏.‏ يقال وترت الصلاة وأوترتها جعلتها وترًا‏]‏ والقراءة فيها والقنوت

1 - عن خارجة بن حذافة قال‏:‏ ‏(‏خرج علينا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ذات غداة فقال‏:‏ لقد أمدكم اللَّه بصلاة هي خير لكم من حمر النعم قلنا‏:‏ وما هي يا رسول اللَّه قال‏:‏ الوتر فيما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر‏)‏‏.‏

رواه الخمسة إلا النسائي‏.‏

الحديث أخرجه أيضًا الدارقطني والحاكم وصححه وضعفه البخاري وقال ابن حبان‏:‏ إسناده منقطع ومتنه باطل‏.‏ قال الخطابي‏:‏ فيه عبد اللَّه بن أبي مرة الزوفي ‏[‏الزوفي هو بفتح الزاي وسكون الواو بعدها فاء‏]‏‏.‏ عن خارجة‏.‏

ـ وفي الباب ـ عن أبي هريرة عند أحمد وابن أبي شيبة وعنه حديث آخر عند البيهقي وفيه أبو إسماعيل الترمذي وثقه الدارقطني وقال الحاكم‏:‏ تكلم فيه أبو حاتم‏.‏ وعن عبد اللَّه بن عمرو عند أحمد والدارقطني وفي إسناده العرزمي وهو ضعيف‏.‏ وعن بريدة عند أبي داود والحاكم في المستدرك وقال صحيح‏.‏ وعن أبي بصرة الغفاري عند أحمد والحاكم والطحاوي وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف ولكنه توبع وعن سليمان بن صرد عند الطبراني في الأوسط وفي إسناده إسماعيل بن عمرو البجلي وثقه ابن حبان وضعفه أبو حاتم والدارقطني وابن عدي‏.‏

وعن ابن عباس عند البزار والطبراني في الكبير والدارقطني وفي إسناده النصر أبو عمرو الخزاز وهو ضعيف متروك وقال البخاري منكر الحديث‏.‏ وعن ابن عمر عند البيهقي في الخلافيات وابن حبان في الضعفاء وفي إسناده حماد بن قيراط وهو ضعيف‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ لا يجوز الاحتجاج به وكان أبو زرعة يمرض القول فيه‏.‏ وادعى ابن حبان أن الحديث موضوع وله حديث آخر عند الطبراني وفي إسناده أيوب بن نهيك ضعفه أبو حاتم وغيره‏.‏

وعن ابن مسعود عند البزار وفي إسناده جابر الجعفي وقد ضعفه الجمهور‏.‏ وعن عبد اللَّه بن أبي أوفى عند البيهقي في الخلافيات وفي إسناده أحمد بن محمد بن مصعب بن بشر بن فضالة وقد قيل إنه كان يضع المتون والآثار ويقلب الأسانيد للأخبار‏.‏

قال أبو حاتم‏:‏ ولعله قد قلب على الثقات أكثر من عشرة آلاف حديث‏.‏ وعن علي عليه السلام عند أهل السنن‏.‏ وعن عقبة ابن عامر عند الطبراني وفيه ضعف‏.‏ وعن عمرو بن العاص عند الطبراني أيضًا وفيه ضعف‏.‏ وعن معاذ بن جبل عند أحمد وفي إسناده عبيد اللَّه بن زحر ‏[‏هو بفتح الزاي وسكون الحاء المهملة‏.‏ قال الحافظ في التقريب‏:‏ صدوق يخطئ‏]‏‏.‏ وهو ضعيف وفيه انقطاع وعن أبي أيوب الطبراني في الكبير والأوسط‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أمدكم‏)‏ الإمداد يكون بمعنى الإعانة ومنه الإمداد بالملائكة وبمعنى الإعطاء ومنه ‏{‏وأمددناهم بفاكهة‏}‏ الآية فيحتمل أن يكون هذا من الإعانة أي أعانكم بها على الانتهاء عن الفحشاء والمنكر كما قال تعالى ‏{‏إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر‏}‏ ويحتمل أن يكون من الإعطاء قال العراقي‏:‏ والظاهر أن المراد الزيادة في الإعطاء ويدل عليه قوله في بعض طرق الحديث ‏(‏إن اللَّه زادكم صلاة‏)‏ كما في حديث عبد اللَّه بن عمرو وأبي بصرة وابن عمر وابن أبي أوفى وعقبة بن عامر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الوتر‏)‏ بكسر الواو وفتحها لغتان وقرئ بهما في السبعة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر‏)‏ استدل به على أن أول وقت الوتر يدخل بالفراغ من صلاة العشاء ويمتد إلى طلوع الفجر كما قالت عائشة في الحديث الصحيح وانتهى وتره إلى السحر وفي وجه لأصحاب الشافعي أنه يمتد بعد طلوع الفجر إلى صلاة الصبح وفي وجه آخر يمتد إلى صلاة الظهر‏.‏ وفي وجه آخر أنه يصح الوتر قبل العشاء وكلها مخالفة للأدلة‏.‏

ـ واستدل ـ بالحديث أيضًا أبو حنيفة على وجوب الوتر وقد تقدم الكلام على ذلك واستدل به أيضًا على أن الوتر أفضل من ركعتي الفجر وقد تقدمت الإشارة إليه‏.‏

واستدل به المصنف أيضًا على أن الوتر لا يصح الاعتداد به قبل العشاء فقال ما لفظه‏:‏ وفيه دليل على أنه لا يعتد به قبل العشاء بحال انتهى‏.‏

2- وعن عائشة قالت‏:‏ ‏(‏من كل الليل أوتر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم من أول الليل وأوسطه وآخره فانتهى وتره إلى السحر‏)‏‏.‏

رواه الجماعة‏.‏

3 - وعن أبي سعيد‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال‏:‏ أوتروا قبل أن تصبحوا‏)‏‏.‏

رواه الجماعة إلا البخاري وأبا داود‏.‏

4 - وعن جابر عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏أيكم خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر ثم ليرقد ومن وثق بقيام من آخر الليل فليوتر من آخره فإن قراءة آخر الليل محضورة وذلك أفضل‏)‏‏.‏

رواه أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه‏.‏

في الباب أحاديث منها عن أبي هريرة عند البزار والطبراني في الأوسط قال‏:‏ ‏(‏سأل النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم أبا بكر كيف توتر قال‏:‏ أوتر أول الليل قال‏:‏ حذر كيس ثم سأل عمر كيف توتر قال‏:‏ من آخر الليل قال‏:‏ قوي معان‏)‏ وفي إسناده سليمان بن داود اليمامي وقد ضعف‏.‏

وعن أبي مسعود عند أحمد والطبراني‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان يوتر من أول الليل وأوسطه وآخره‏)‏ قال العراقي‏:‏ وإسناده صحيح‏.‏

وعن أبي قتادة عند أبي داود بنحو حديث أبي هريرة المتقدم وصححه الحاكم على شرط مسلم وقال العراقي‏:‏ صحيح‏.‏

وعن ابن عمر عند ابن ماجه بنحو حديث أبي هريرة المتقدم وصححه الحاكم‏.‏ وعن عقبة بن عامر عند الطبراني بنحو حديث أبي هريرة المتقدم أيضًا‏.‏

وعن علي عليه السلام عند ابن ماجه بلفظ‏:‏ ‏(‏من كل الليل أوتر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم من أوله وأوسطه وانتهى وتره إلى السحر‏)‏ قال العراقي‏:‏ وإسناده جيد‏.‏

وعن أبي موسى عند الطبراني في الكبير قال‏:‏ ‏(‏كان يوتر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم أحيانًا أول الليل ووسطه ليكون سعة للمسلمين‏)‏‏.‏

وعن ابن عمر عند أبي داود والترمذي وصححه والحاكم في المستدرك بلفظ‏:‏ إن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال‏:‏ ‏(‏بادروا الصبح بالوتر‏)‏ وله حديث آخر عند الترمذي بلفظ‏:‏ إن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال‏:‏ ‏(‏إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر فأوتروا قبل طلوع الفجر‏)‏‏.‏

وعن أبي ذر عند النسائي بلفظ‏:‏ ‏(‏أوصاني خليلي صلى اللَّه عليه وآله وسلم أوصاني بصلاة الضحى والوتر قبل النوم وبصيام ثلاثة أيام من كل شهر‏)‏‏.‏

وعن سعد بن أبي وقاص عند أحمد بلفظ‏:‏ ‏(‏سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الذي لا ينام حتى يوتر حازم‏)‏‏.‏

وعن علي عليه السلام عند البزار قال‏:‏ ‏(‏نهاني رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أن أنام إلا على وتر‏)‏ وفي إسناده إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة وثقه أحمد وضعفه الجمهور‏.‏

وعن عمر عند ابن ماجه بلفظ‏:‏ ‏(‏سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول‏:‏ لا تسأل الرجل فيم يضرب امرأته ولا تنم إلا على وتر‏)‏ والحديث عند أبي داود والنسائي ولكنهما اقتصرا على النهي عن السؤال عن ضرب الرجل امرأته‏.‏ وعن أبي الدرداء عند مسلم بنحو حديث أبي ذر المتقدم‏.‏

وأحاديث الباب تدل على أن جميع الليل وقت للوتر إلا الوقت الذي قبل صلاة العشاء إذ لم ينقل أنه صلى اللَّه عليه وسلم أوتر فيه ولم يخالف في ذلك أحد لا أهل الظاهر ولا غيرهم إلا ما قدمنا أنه يجوز ذلك في وجه لأصحاب الشافعي وهو وجه ضعيف صرح بذلك العراقي وغيره منهم‏.‏

وقد حكى صاحب المفهم الإجماع على أنه لا يدخل وقت الوتر إلا بعد صلاة العشاء وورد في حديث عائشة الصحيح أنه كان يصلي صلى اللَّه عليه وسلم ما بين أن يصلي العشاء إلى أن يطلع الفجر إحدى عشرة ركعة‏.‏

واستدل بحديث أبي سعيد وما شابهه من الأحاديث المذكورة في الباب على أن الوتر لا يجوز بعد الصبح وهو يرد على ما تقدم في أحد الوجوه لأصحاب الشافعي أنه يمتد إلى صلاة الصبح أو إلى صلاة الظهر‏.‏

واستدل بحديث جابر وما في معناه من الأحاديث المذكورة على مشروعية الإيتار قبل النوم لمن خاف أن ينام عن وتره وعلى مشروعية تأخيره إلى آخره لمن لم يخف ذلك ويمكن تقييد الأحاديث المطلقة التي فيها الوصية بالوتر قبل النوم والأمر به بالأحاديث المقيدة بمخافة النوم عنه‏.‏

5 - وعن أبيِّ بن كعب قال‏:‏ ‏(‏كان النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو اللَّه أحد‏)‏‏.‏

رواه الخمسة إلا الترمذي وللخمسة إلا أبا داود مثله من حديث ابن عباس وزاد أحمد والنسائي في حديث أبيِّ ‏(‏فإذا سلم قال‏:‏ سبحان الملك القدوس ثلاث مرات‏)‏ ولهما مثله من حديث عبد الرحمن بن أبزي وفي آخره‏:‏ ‏(‏ورفع صوته في الآخر‏)‏‏.‏

حديث أبيِّ بن كعب قد تقدم وتقدم الكلام عليه ولعل إعادة المصنف لذكره لهذه الزيادة التي ذكرها أعني قوله ‏(‏فإذا سلم قال سبحان الملك القدوس ثلاث مرات‏)‏ قال العراقي‏:‏ وهي مصرح بها في حديث أبيِّ بن كعب وعبد الرحمن بن أبزي وكلاهما عند النسائي بإسناد صحيح انتهى‏.‏

وقد أخرجها أيضًا البزار من حديث ابن أبي أوفى وقال‏:‏ أخطأ فيه هاشم بن سعيد لأن الثقات يروونه عن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن ابن أبزي عن أبيه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال‏:‏ وزاد هاشم‏:‏ ‏(‏فإذا سلم قال سبحان الملك القدوس‏)‏ وليس هذا في حديث غيره‏.‏ قال العراقي‏:‏ بل هذه الزيادة في حديث غيره من الثقات انتهى‏.‏

وعبد الرحمن بن أبزي قد وقع الاختلاف في صحبته كما قدمنا وقد اختلفوا هل هذا الحديث من روايته عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم أو من روايته عن أبيِّ بن كعب عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال الترمذي‏:‏ يروى عن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيِّ بن كعب ويروى عن عبد الرحمن بن أبزي عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم‏.‏

6 - وعن الحسن بن علي عليه السلام قال‏:‏ علمني رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر ‏(‏اللَّهم اهدني فيمن هديت وعافيني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت‏)‏‏.‏

7 - وعن علي بن أبي طالب عليه السلام‏:‏ أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان يقول في آخر وتره‏:‏ ‏(‏اللَّهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك‏)‏‏.‏

رواه الخمسة‏.‏

أما حديث الحسن فأخرجه أيضًا ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني والبيهقي من طريق بريد عن أبي الحوراء بالحاء المهملة والراء عن الحسن وأثبت بعضهم الفاء في قوله ‏(‏فإنك تقضي‏)‏ وبعضهم أسقطها وزاد الترمذي قبل تباركت وتعاليت سبحانك‏.‏ وزاد البيهقي قبل تباركت وتعاليت أيضًا‏:‏ ‏(‏ولا يعز من عاديت‏)‏‏.‏

قال النووي في الخلاصة‏:‏ بسند ضعيف وتبعه ابن الرفعة فقال‏:‏ لم تثبت هذه الرواية قال الحافظ‏:‏ وهو معترض فإن البيهقي رواها من طريق إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن أو الحسين بن علي وهذا التردد من إسرائيل إنما هو في الحسن أو الحسين قال البيهقي‏:‏ كأن الشك إنما وقع في الإطلاق أو في النسبة قال‏:‏ ويؤيد الشك أن أحمد بن حنبل أخرجه في مسند الحسين من مسنده من غير تردد ومن حديث شريك عن أبي إسحاق بسنده قال‏:‏ وهذا وإن كان الصواب خلافه والحديث من حديث الحسن لا من حديث أخيه الحسين فإنه يدل على أن الوهم فيه من أبي إسحاق فلعله ساء فيه حفظه فنسي هل هو الحسن أو الحسين قال‏:‏ ثم إن الزيادة اعني قوله ‏(‏ولا يعز من عاديت‏)‏ رواها الطبراني أيضًا من حديث شريك وزهير بن معاوية عن أبي إسحاق ومن حديث أبي الأحوص عن أبي إسحاق ثم ذكره الحافظ بإسناد له متصل وفيه تلك الزيادة وزاد النسائي بعد قوله ‏(‏تباركت وتعاليت وصلى اللَّه على النبي‏)‏‏.‏

قال النووي‏:‏ إنها زيادة بسند صحيح أو حسن وتعقبه الحافظ بأنه منقطع‏.‏ وروى تلك الزيادة الطبراني والحاكم وقد ضعف ابن حبان حديث الحسن هذا وقال‏:‏ توفي النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم والحسن ابن ثماني سنين فكيف يعلمه صلى اللَّه عليه وآله وسلم هذا الدعاء‏.‏

وقد أشار صاحب البدر المنير إلى تضعيف كلام ابن حبان وقد نبه ابن خزيمة وابن حبان على أن قوله في قنوت الوتر تفرد به أبو إسحاق عن بريد بن أبي مريم وتبعه ابناه يونس وإسرائيل وقد رواه شعبة وهو أحفظ من مائتين مثل أبي إسحاق وابنيه فلم يذكر فيه القنوت ولا الوتر وإنما قال‏:‏ ـ كان يعلمنا هذا الدعاء ـ وأيد ذلك الحافظ برواية الدولابي والطبراني فإن فيها التصريح بالقنوت وكذلك رواية البيهقي عن ابن الحنفية وكذلك رواية محمد ابن نصر‏.‏

وروى البيهقي عن ابن عباس وابن الحنفية أنهما كانا يقولان‏:‏ ‏(‏كان النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم يقنت في صلاة الصبح وفي وتر الليل بهؤلاء الكلمات‏)‏ وفي إسناده عبد الرحمن بن هرمز قال الحافظ‏:‏ وهو محتاج إلى الكشف عن حاله‏.‏

وقال ابن حبان‏:‏ إن ذكر صلاة الصبح ليس بمحفوظ‏.‏ وقال ابن النحوي‏:‏ إن إسنادها جيد وصرح الحافظ في بلوغ المرام إن إسنادها ضعيف وأخرجه الحاكم من حديث أبي هريرة بلفظ حديث الحسن مقيدًا بصلاة الصبح وقال‏:‏ صحيح‏.‏

قال الحافظ‏:‏ وليس كما قال وهو ضعيف لأن في إسناده عبد اللَّه بن سعيد المقبري ولولاه لكان صحيحًا وكان الاستدلال به أولى من الاستدلال بحديث الحسن بن علي في قنوت الوتر‏.‏

وروى الطبراني في الأوسط من حديث بريدة نحوه وفي إسناده كما قال الحافظ رحمه اللَّه تعالى مقال‏.‏

وأما حديث علي المذكور فأخرجه أيضًا البيهقي والحاكم وصححه مقيدًا بالقنوت‏.‏ وأخرجه الدارمي وابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان في كتبهم وليس فيه ذكر الوتر‏.‏

ـ وفي الباب ـ عن علي حديث آخر عند الدارقطني بلفظ‏:‏ ‏(‏قنت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم في آخر الوتر‏)‏ وفي إسناده عمرو بن شمر الجعفي أحد الكذابين الوضاعين‏.‏

وعن أبي بكر وعمر وعثمان عند الدارقطني أنهم كانوا يقولون‏:‏ ‏(‏قنت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم في آخر الوتر وكانوا يفعلون ذلك‏)‏ وفي إسناده أيضًا عمر بن شمر المذكور‏.‏

وعن أبيِّ بن كعب عند النسائي وابن ماجه‏:‏ ‏(‏أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع‏)‏‏.‏

وعن ابن مسعود عند ابن أبي شيبة في المصنف والدارقطني‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان يقنت في الوتر قبل الركوع‏)‏ وفي إسناده أبان بن عياش وهو ضعيف‏.‏

وعن ابن عباس عند محمد بن نصر المروزي قال‏:‏ ‏(‏كان النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم يقنت في صلاة الصبح بهؤلاء الكلمات‏)‏ وقد تقدم‏.‏

وعن ابن عمر عند الحاكم في كتاب القنوت قال‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم علم أحد ابنيه في القنوت اللَّهم اهدني فيمن هديت‏)‏ الحديث‏.‏

وعن عبد الرحمن بن أبزي عند محمد بن نصر وفيه ذكر القنوت في الوتر‏.‏ وعن أم عبد أم عبد اللَّه بن مسعود عند ابن أبي شيبة والدارقطني والبيهقي أنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ‏(‏قنت قبل الركوع‏)‏ والأحاديث المذكورة تدل على مشروعية القنوت بهذا الدعاء المذكور في حديث الحسن وفي حديث علي‏.‏ وإلى ذلك ذهبت العترة وأبو حنيفة وبعض الشافعية من غير فرق بين رمضان وغيره وروى ذلك الترمذي عن ابن مسعود‏.‏ ورواه أيضًا عنه محمد بن نصر قال العراقي‏:‏ بأسانيد جيدة‏.‏ ورواه محمد بن نصر أيضًا عن علي وعمر‏.‏ وحكاه ابن المنذر عن الحسن البصري وإبراهيم النخعي وأبي ثور ورواية عن أحمد‏.‏ وروى محمد بن نصر عن علي عليه السلام أنه كان يقنت في النصف الأخير من رمضان وهو من رواية الحارث عنه‏.‏ وروى أبو داود أن عمر بن الخطاب جمع الناس على أبيِّ بن كعب وكان يصلي لهم عشرين ليلة ولا يقنت إلا في النصف الباقي من رمضان‏.‏ وروى محمد بن نصر بإسناد صحيح أن ابن عمر كان لا يقنت في الصبح ولا في الوتر إلا في النصف الآخر من رمضان‏)‏ وروى العراقي عن معاذ بن الحارث الأنصاري أنه كان إذا انتصف رمضان لعن الكفرة‏.‏ قال‏:‏ وعن الحسن كانوا يقنتون في النصف الأخير من رمضان‏.‏ وروي أيضًا عن الزهري أنه قال‏:‏ لا قنوت في السنة كلها إلا في النصف الأخير من رمضان‏.‏ وروي عن عثمان بن سراقة نحوه‏.‏ وذهب مالك فيما حكاه النووي في شرح المهذب وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي كما قال العراقي إلى مشروعية القنوت في جميع رمضان دون بقية السنة وذهب الحسن وقتادة ومعمر كما روى ذلك محمد بن نصر عنهم أنه يقنت في جميع السنة إلا في النصف الأول من رمضان‏.‏ وقد روي عن الحسن القنوت في جميع السنة كما تقدم‏.‏ وذهب طاوس إلى أن القنوت في الوتر بدعة وروى ذلك محمد بن نصر عن ابن عمر وأبي هريرة وعروة بن الزبير‏.‏ وروي عن مالك مثل ذلك‏.‏

قال بعض أصحاب مالك‏:‏ سألت مالكًا عن الرجل يقوم لأهله في شهر رمضان أترى أن يقنت بهم في النصف الباقي من الشهر فقال مالك‏:‏ لم أسمع أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم قنت ولا أحدًا من أولئك وما هو من الأمر القديم وما أفعله أنا في رمضان ولا أعرف القنوت قديمًا‏.‏

وقال معن بن عيسى عن مالك‏:‏ لا يقنت في الوتر عندنا‏.‏ وقال ابن العربي‏:‏ اختلف قول مالك فيه في صلاة رمضان قال‏:‏ والحديث لم يصح والصحيح عندي تركه إذ لم يصح عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم فعله ولا قوله اهـ‏.‏

قال العراقي‏:‏ قلت بل هو صحيح أو حسن‏.‏ وروى محمد بن نصر أنه سئل سعيد بن جبير عن بدء القنوت في الوتر فقال‏:‏ بعث عمر بن الخطاب جيشًا فتورطوا متورطًا خاف عليهم فلما كان النصف الآخر من رمضان قنت يدعو لهم فهذه خمسة مذاهب في القنوت وبها يتبين عدم صحة دعوى المهدي في البحر أنه مجمع عليه في النصف الأخير من رمضان‏.‏ وقد اختلف في كونه قبل الركوع أو بعده ففي بعض طرق الحديث عند البيهقي التصريح بكونه بعد الركوع وقال‏:‏ تفرد بذلك أبو بكر بن شيبة الحزامي وقد روى عنه البخاري في صحيحه وذكره ابن حبان في الثقات فلا يضر تفرده‏.‏

وأما القنوت قبل الركوع فهو ثابت عند النسائي من حديث أبيِّ بن كعب كما تقدم وعبد الرحمن بن أبزي وضعف أبو داود ذكر القنوت فيه وثابت أيضًا في حديث ابن مسعود كما تقدم‏.‏

قال العراقي‏:‏ وهو ضعيف قال‏:‏ ويعضد كونه بعد الركوع أولى فعل الخلفاء الأربعة لذلك والأحاديث الواردة في الصبح كما تقدم في بابه‏.‏

وقد روى محمد بن نصر عن أنس‏:‏ ‏(‏أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان يقنت بعد الركعة وأبو بكر وعمر حتى كان عثمان فقنت قبل الركعة ليدرك الناس‏)‏ قال العراقي‏:‏ وإسناده جيد‏.‏

قوله في حديث علي‏:‏ ‏(‏أعوذ بك منك‏)‏ أي أستجير بك من عذابك‏.‏

 باب لا وتران في ليلة وختم صلاة الليل بالوتر وما جاء في نقضه

1 - عن طلق بن علي قال‏:‏ سمعت النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم يقول‏:‏ ‏(‏لا وتران في ليلة‏)‏‏.‏

رواه الخمسة إلا ابن ماجه‏.‏

2 - وعن ابن عمر‏:‏ أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال‏:‏ ‏(‏اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا‏)‏‏.‏

رواه الجماعة إلا ابن ماجه‏.‏

أما حديث طلق بن علي فحسنه الترمذي قال عبد الحق‏:‏ وغير الترمذي صححه وأخرجه أيضًا ابن حبان وصححه وقد احتج به على أنه لا يجوز نقض الوتر‏.‏

ومن جملة المحتجين به على ذلك طلق بن علي الذي رواه كما قال العراقي قال‏:‏ وإلى ذلك ذهب أكثر العلماء وقالوا إن من أوتر وأراد الصلاة بعد ذلك لا ينقض وتره ويصلي شفعًا شفعًا حتى يصبح قال‏:‏ فمن الصحابة أبو بكر الصديق وعمار بن ياسر ورافع بن خديج وعائد بن عمرو وطلق بن علي وأبو هريرة وعائشة‏.‏ ورواه ابن أبي شيبة في المصنف عن سعد بن أبي وقاص وابن عمر وابن عباس‏.‏ وممن قال به من التابعين سعيد بن المسيب وعلقمة والشعبي وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير ومكحول والحسن البصري روى ذلك ابن أبي شيبة عنهم في المصنف أيضًا‏.‏

وقال به من التابعين طاوس وأبو مجلز ومن الأئمة سفيان الثوري ومالك وابن المبارك وأحمد روى ذلك الترمذي عنهم في سننه وقال‏:‏ إنه أصح‏.‏

ورواه العراقي عن الأوزاعي والشافعي وأبي ثور وحكاه القاضي عياض عن كافة أهل الفتيا وروى الترمذي عن جماعة من أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم ومن بعدهم جواز نقض الوتر وقالوا يضيف إليها أخرى ويصلي ما بدا له ثم يوتر في آخر صلاته قال‏:‏ وذهب إليه إسحاق واستدلوا بحديث ابن عمر المذكور في الباب وقالوا إذا أوتر ثم نام ثم قام فلم يشفع وتره وصلى مثنى مثنى كما قال الأولون ولم يوتر في آخر صلاته كان قد جعل آخر صلاته من الليل شفعًا لا وترًا وفيه مخالفة لقوله صلى اللَّه عليه وسلم ‏(‏اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا‏)‏ واستدل الأولون على جواز صلاة الشفع بعد الوتر بحديث عائشة المتقدم وبحديث أم سلمة الآتي وقد قدمنا الكلام على ذلك في شرح حديث عائشة‏.‏

3 - وعن ابن عمر‏:‏ أنه كان إذا سئل عن الوتر قال‏:‏ ‏(‏أما أنا فلو أوترت قبل أن أنام ثم أردت أن أصلي بالليل شفعت بواحدة ما مضى من وتري ثم صليت مثنى مثنى فإذا قضيت صلاتي أوترت بواحدة لأن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم أمرنا أن نجعل آخر صلاة الليل الوتر‏)‏‏.‏

رواه أحمد‏.‏

4 - وعن علي قال‏:‏ ‏(‏الوتر ثلاثة أنواع فمن شاء أن يوتر أول الليل أوتر فإن استيقظ فشاء أن يشفعها بركعة ويصلي ركعتين ركعتين حتى يصبح ثم يوتر فعل وإن شاء ركعتين حتى يصبح وإن شاء آخر الليل أوتر‏)‏‏.‏

رواه الشافعي في مسنده‏.‏

حديث ابن عمر قال في مجمع الزوائد‏:‏ فيه ابن إسحاق وهو مدلس وهو ثقة وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ والمرفوع من حديث ابن عمر متفق عليه كما تقدم‏.‏

وأثر علي أخرجه البيهقي أيضًا وقد استدل به ابن عمر ومن معه على جواز نقض الوتر وقد قدمنا وجه دلالته على ذلك‏.‏

وقد ناقضهم القائلون بعدم الجواز فاستدلوا به على أنه لا يجوز النقض قالوا‏:‏ لأن الرجل إذا أوتر أول الليل فقد قضى وتره فإذا هو نام بعد ذلك ثم قام وتوضأ وصلى ركعة أخرى فهذه صلاة غير تلك الصلاة وغير جائز في النظر أن تتصل هذه الركعة بالركعة الأولى التي صلاها في أول الليل فلا يصيران صلاة واحدة وبينهما نوم وحدث ووضوء وكلام في الغالب وإنما هما صلاتان متباينتان كل واحدة غير الأولى ومن فعل ذلك فقد أوتر مرتين ثم إذا هو أوتر أيضًا في آخر صلاته صار موترًا ثلاث مرات‏.‏

وقد روي عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترًا‏)‏ وهذا قد جعل الوتر في مواضع من صلاة الليل‏.‏ وأيضًا قال صلى اللَّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا وتران في ليلة‏)‏ وهذا قد أوتر ثلاث مرات‏.‏

5 - وعن أم سلمة‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان يركع ركعتين بعد الوتر‏)‏‏.‏

رواه الترمذي‏.‏ ورواه أحمد وابن ماجه وزاد‏:‏ ‏(‏وهو جالس‏)‏ وقد سبق هذا المعنى من حديث عائشة وهو حجة لمن لم ير نقض الوتر‏.‏

6 - وقد روى سعيد بن المسيب‏:‏ ‏(‏أن أبا بكر وعمر تذاكرا الوتر عند رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فقال أبو بكر‏:‏ أما أنا فأصلي ثم أنام على وتر فإذا استيقظت صليت شفعًا شفعًا حتى الصباح‏.‏ وقال عمر‏:‏ لكن أنام على شفع ثم أوتر من آخر السحر فقال النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم لأبي بكر‏:‏ حذر هذا وقال لعمر‏:‏ قوي هذا‏)‏‏.‏

رواه أبو سليمان الخطابي بإسناده‏.‏

أما حديث أم سلمة فصححه الدارقطني في سننه ثبت ذلك في رواية محمد بن عبد الملك بن بشران عنه وليس في رواية أبي طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم عن الدارقطني تصحيح له كذا قال العراقي‏.‏ قال الترمذي‏:‏ وقد روي نحو هذا عن أبي أمامة وعائشة وغير واحد عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم اهـ‏.‏

وأما حديث عائشة الذي أشار إليه المصنف فقد تقدم وتقدم شرحه‏.‏ وأما حديث أبي بكر وعمر فقد ورد من طرق ليس فيها قول أبي بكر فإذا استيقظت صليت شفعًا شفعًا‏.‏ منها عند البزار والطبراني عن أبي هريرة‏.‏ ومنها عند ابن ماجه عن جابر‏.‏ ومنها عند أبي داود والحاكم عن أبي قتادة‏.‏ ومنها عند ابن ماجه عن ابن عمر‏.‏ ومنها عند الطبراني في الكبير ومحمد بن نصر عن عقبة ابن عامر فإن صحت هذه الزيادة التي ذكرها الخطابي كانت صالحة للاستدلال بها على من أجاز التنفل بعد الوتر وقد تقدم ذكرهم وإن لم تصح فالكلام ما قدمنا في شرح حديث عائشة من اختصاص الركعتين بعد الوتر به صلى اللَّه عليه وآله وسلم لما سلف‏.‏